مجتمع مدني

طاولة مستديرة حول "مشاكل التعليم في العراق"

فراس عبد المجيد
نظم المكتب المهني المركزي للمعلمين في الحزب الشيوعي العراقي، مساء السبت الماضي، طاولة مستديرة حول "مشاكل التعليم في العراق"، شاركت فيها نخبة من التربويين والكوادر التعليمية والمعنيين بشؤون التعليم، يتقدمهم عضو مجلس محافظة بغداد الرفيق فرحان قاسم، ومدير تربية الرصافة الأولى د. فلاح القيسي.
أدار الطاولة التي احتضنتها قاعة "جمعية الثقافة للجميع" في بغداد، د. محسن القزويني، وافتتحها بالحديث عن التعليم في العراق وما يعانيه من مشكلات، ثم استعرض المحاور الأساسية للطاولة، مبتدئا بالبيئة المدرسية باعتبارها المحور الأبرز الذي تستند إليه العملية التعليمية، ثم بالتراجع الذي تشهده هذه العملية "من سيئ إلى أسوأ" – على حد تعبيره.
وكان أول المتحدثين في الطاولة، رئيس "جمعية الثقافة للجميع" د. عبد جاسم الساعدي، الذي انطلق من أهمية التنظيم في بناء التعليم، موضحا القصد من مفهوم البيئة المدرسية التي لا تقتصر على المبنى وما يدور في داخله، بقدر ما تمتد إلى النهج والمكان وعلاقتهما بالمحيط الاجتماعي "بيئة تصنع الأجيال وتربي الأطفال، وتقدر على تكوين وبناء الطاقات الخلاقة".
وتوقف د. الساعدي عند المسرح والشعر كعنصرين فاعلين في إغناء البيئة المدرسية التي بإمكانها "تحريك الوضع الاجتماعي المتخلف جدا"، اذا ما احسن استثمارها وتوظيفها في إطار برنامج مدروس. ثم سلط الضوء على مظاهر التخلف الذي تعانيه العملية التعليمية، بدءا من اكتظاظ المدارس، مرورا بالواقع المزري الذي انعكس على التلاميذ أنفسهم، حيث اصيب الكثيرون منهم بأمراض الجرب والقمل والأمراض النفسية والاجتماعية، بسبب انعدام الشروط الصحية في المباني المدرسية.
وذكر د. الساعدي ان العراق يحتاج اليوم إلى أكثر من عشرة آلاف مدرسة جديدة.
من جانبه قدم التربوي باسم الزبيدي دراسة تطرق فيها إلى الحداثة في التعليم على أساس ان التربية والتعليم حق للمواطن الذي يحيا في مجتمع يشهد متغيرات على مختلف الصعد، وقال ان على الجميع التعامل مع المتغيرات، كلاً حسب الزاوية التي تعنيه، ثم تطرق إلى تجاربه في هذا الميدان، ضاربا أمثلة تتعلق بكتاب الاقتصاد للفرع العلمي، الذي اكتشفت فيه اللجنة المكلفة بدراسته80 خطأ "لأن مؤلفي الكتاب لا علاقة لهم البتة بمادة الاقتصاد" – على حد قوله.
ودعا الزبيدي إلى اعتماد التقنيات الحديثة في تقديم الدروس التعليمية، وتوظيف ثورة المعلومات في التعليم.
أما د. عامر ياس القيسي، فقد تناول الواقع التربوي والتعليمي في العراق وتأثير الحروب الداخلية والخارجية على العملية التعليمية، ابتداء من عقد الثمانينيات وصعود الدكتاتورية وحروبها العبثية، مرورا بفترة الحصار الاقتصادي الذي انعكست نتائجه الكارثية على مختلف مفاصل الدولة، وفي الأساس ما يتعلق بالتعليم، وصولا إلى سقوط النظام الدكتاتوري وما رافقه من استشراء الفساد في مختلف مرافق الدولة، نتيجة سياسة المحاصصة الطائفية – الاثنية.
فيما قدم عضو الهيئة الإدارية لنقابة المعلمين أحمد جسام المشهداني، دراسة أشار فيها إلى أهمية معالجة الآثار السلبية لممارسات داعش على العملية التعليمية، مذكرا بالنهج الظلامي الذي جاءت به هذه العصابات الإرهابية، من سيادة الفكر التكفيري المتخلف القائم على العنف.
وحدد المشهداني نقاطا عدة لتجاوز المؤثرات التي جاءت بها هذه العصابات، تتمثل في تفكيك استراتيجيتها بأفكار بديلة تعتمد على التعايش السلمي وإشاعة المحبة بين الناس، والاعتماد على الإعلام المعتدل في مخاطبة القطاعات المختلفة، وتنظيم دورات تأهيل للقادة المعتدلين للتقليل من التطرف.
وكان بين المتحدثين د. باسم الشذر الذي ركز في دراسته على مشروع التربية البيئية المدرسية، اعتمادا على الاستفادة من المخلفات والنفايات بعد تدويرها، مذكرا بأن الواقع البيئي العراقي حافل بالمخلفات التي لم يجر الالتفات إلى احتمال الاستفادة القصوى منها.
وتوقف د. الشذر عند أهمية الحوار كأساس لتدريس المادة العلمية، واستعرض تجارب ميدانية رائدة في هذا المجال، ثم تحدث عن الدور الذي يلعبه علم الجمال، وما يزخر به من قيم جمالية تدخل في إطار الانفعال، وضرب أمثلة لتجليات هذا العلم في مادة التربية الفنية التي تعمل على تنمية الإحساس بالجمال، ما يؤدي إلى احترام البيئة والتعامل معها بشكل مغاير.
فيما تحدث د. سعد مطر عن المنهج التربوي وتأثيرات المنهج العلمي عليه، متوقفا عند الخبرات التي يتعلمها الطالب في المدرسة في إطار النظام التعليمي الذي يدعوه بـ "الفلسفة". فقد اعتبر التربية تطبيقا له، في حين اعتبر المنهج أداة لهذا التطبيق.
هذا وقدم عدد من الحاضرين مداخلات، كان بينهم د. فلاح القيسي، التربوي فاروق بابان، الكاتبة سافرة جميل حافظ، د. جبرا الطائي، د. سناء، المرشد التربوي أمير عبد، والطالب همام عبد الأمير.