مدارات

الموارد المائية في العراق المشكلة والحل / إبراهيم المشهداني

لا يحسبن احد مسؤول أو مواطن عادي أن كثرة الأمطار في هذا الموسم سوف تضع نهاية لمشكلة المياه المستعصية على مدى عشرات السنين فالعوامل المناخية تمر بدورات معظمها جفاف ولهذا يتعين أن تكون الموارد المائية وموازناتها الشغل الشاغل لأية حكومة عراقية وذلك بسبب التحديات الكبيرة التي تواجه العراق في هذا الميدان ارتباطا بتعاظم جملة من العوامل الضاغطة لعل في مقدمتها النمو المتسارع في عدد السكان قياسا بمعدل النمو البالغ 3،2بالمئة سنويا وهذا من أعلى معدلات النمو في العالم، إضافة الى التطور الاقتصادي الذي يشكل محورا أساس?ا في الخطط الحكومية وخاصة في القطاع الزراعي الذي تعد المياه أولى أولوياته.
وإذا كان من الضروري التوقف عند هذه التحديات فأول ما يستوقفنا في هذا المجال المشاكل المائية مع دول الجوار تركيا وإيران التي تعتزم إقامة مشاريع سدود عملاقة تؤثر بشكل فاحش على الحصة المائية للعراق وخاصة تركيا من خلال سد الغاب الكبير و22 سدا على نهري دجلة والفرات والسدود التي تقيمها إيران على سد الكرخة، كما أن عدد الخزانات سواء كانت الاصطناعية أو الطبيعية والسدود لا تتناسب مع كميات المياه المطلوبة فمن بين المشاريع المتلكئة هو التأخر في تنفيذ سد بخمة الذي قدر أن تكون طاقته الخزنية14،4 مليار متر مكعب وكذلك تأ?يل سد طق طق ومشروع الخازن كومل مما أدى الى الإخفاق في الوصول الى الرقم المستهدف البالغ 20 مليار متر مكعب، والتحدي الآخر يتمثل في الهدر المائي الناجم عن سوء توزيع الحصص المائية والفوضى في إقامة مشاريع خارج إطار الخطط الحكومية مصحوبا بالتخلف في اعتماد التقنيات الحديثة في أساليب الرش والتنقيط. هذه التحديات في حقيقتها مشاكل أنتجت أوضاعا سلبية تشكل هما كبيرا للدولة العراقية بجانبيه الاقتصادي والاجتماعي ولا سيما في التخلف الكبير في عملية استصلاح الأراضي المخطط لها بمقدار 1،6 ألف دونم فلم تزدد الأراضي المستصلحة ع? 182 ألف دونم عام 2011 والمستصلحة جزئيا 192 ألف دونم وكلاهما لا يشكلان سوى 12 بالمئة من مجموع الأراضي الواجب استصلاحها وهذا ما يقود مع الوقت الى تزايد ملوحة الأرض ارتباطا بتوقف العمل بالكثير من الترع والمبازل التي أنشئت في سبعينيات القرن الماضي ومن افضع نتائجها موت آلاف البساتين وهدر الجهود والقيم المضافة من جهود الفلاحين والمزارعين التي بذلت فيها فتخيل الألم الذي يعتصر المزارع وهو يرى جهده وماله ينهار أمام عينيه. ومشكلة التصحر الزاحفة التي وصلت الى 70 بالمئة من الأراضي الزراعية المروية و72 بالمئة من الأرا?ي الزراعية المطرية.
إن مشاكل العملية الاروائية في العراق تظل عبئا كبيرا أمام الحكومات العراقية المتعاقبة وربما تكون في يوم ما عصية على الحل أو ربما تسبب مزيدا من التدهور في العلاقات مع دول الجوار لا تحمد عقباها ما لم يتم وضع استراتيجية متكاملة على المستويين المحلى والخارجي تأخذ في الاعتبار الأمور التالية :
1. العمل المتواصل من اجل إبرام اتفاقيات وتفاهمات مع دول الجوار دون كلل من خلال دعم الجهود للتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية لعام 1997 باعتبارها الاطار القانوني لقسمة المياه العادلة والمنصفة. وهذه الاتفاقيات تشكل جزءا من منظومة من العلاقات مع هذه الدول على المستوى الدبلوماسي والتجاري وتحسين العلاقات للوصول الى نتائج طيبة في مجال تحقيق حصة العراق من المياه المتأتية من هذه الدول.
2. العمل على انجاز المشاريع المتوقفة والتخطيط لمشاريع جديدة تهدف الى خزن الكميات الاستراتيجية من المياه كمشروع سد طق طق ومشروع الخازن كومل وتأمين الحماية لها ولسد الموصل من عبث الإرهاب ومشاريعه التخريبية تحسبا لأسوأ الظروف كالجفاف والمشاكل الأمنية وتدهور العلاقة لا سامح الله مع دول الجوار ولا ينبغي أن تمر غزارة الأمطار هذا العام من دون فائدة.
3. العمل من بين المشاريع المستهدفة على انجاز منظومة من الجداول والمبازل لغرض إيصال المياه الى المناطق البعيدة عن نهري دجلة والفرات وتنظيف الأراضي الملحية من خلال المبازل ووضع التشريعات والتعليمات لمتابعة مسارات المياه الى المناطق الزراعية واتخاذ الإجراءات المشددة بحق المتجاوزين على الحصص المائية المقررة للاستخدامات الزراعية.
4. تحويل منطقة الأهوار الى مشاريع سياحية تتوفر فيها كافة المستلزمات السياحية ابتداء من بناء القاعدة التحتية لها مرورا بتوفير كافة وسائل الترفيه وصولا الى إنشاء محميات لمختلف الحيوانات البرية،عن طريق الاستثمار وكي لا تذهب أموال العراقيين الى دول الجوار الحاضنة لبيئات سياحية متطورة والاستفادة من تجارب الدول وخاصة الآسيوية تايلند وسنغافورة وماليزيا وجورجيا وغيرها. ومثل هكذا مشاريع تتطلب الحرص الكبير على عدم التفريط بقطرة ماء، وهو أمر عسير ولكنه ممكن إذا توخينا الترشيد الأمثل لسريان المياه عبر منظوماتها النظا?ية.
5.الحد من عملية تفتيت البساتين للأغراض السكنية حفاظا على مصادر الفاكهة التي تستورد من دول الجوار بمليارات الدولارات تطبيقا لقانون حماية المنتج الوطني.