المنبرالحر

غياب المنهج الاصلاحي في اجتماع الرؤساء / ابراهيم المشهداني

لا شك ان اجتماعات الرؤساء الثلاثة الجمهورية والحكومة والبرلمان تشكل فرصة ثمينة لدراسة الازمة الراهنة بكل جوانبها الامنية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد ، تتطلع جماهير شعبنا لوضع خارطة ممنهجة لمعالجتها ، وتأتي هذه الاجتماعات في سياق المطالبة المستمرة بأهمية التنسيق بين الرؤساء في اتخاذ القرارات المشتركة المتعلقة بمصير البلاد والعباد والحد من الاختلاف في الرؤى في هذه القضية او تلك كما حصل في الحزم الاصلاحية التي اتخذها رئيس الوزراء وأيدها بالإجماع البرلمان العراقي ولكنها تحولت بعد حين ، من بعض الكتل البرلمانية والقوى المعارضة للإصلاح الى مشهد من الكوميديا السوداء في نقدها تلك الحزم بالرغم من انها لم تأخذ طريقها للتنفيذ من حيث الجوهر اذا استثنينا بعض الاجراءات التي كانت على درجة من الاستحياء والتردد ويعتبرها المعارضون كبيرة ومعارضة للدستور في رسالة واضحة الى رئيس الحكومة تطالبه بالكف عن هذه الاصلاحات كي يبقى الفاسدون متمترسين في مواقعهم ومستمتعين بمرابعهم.
وليس مقبولا الاستخفاف بالقرارات الصادرة عن الاجتماع الاخير للرئاسات الاربع بحضور رئيس مجلس القضاء الاعلى خصوصا عندما يتعلق الامر بالإشادة بانتصارات جيشنا الباسل وكافة المقاتلين في الرمادي ، لما ابدوه من بطولة وشجاعة كنا ننتظرها منذ زمن بعيد في محاربة الارهاب وإلحاق الهزيمة به او العمل الجاد لعودة النازحين الى ديارهم ، وتحقق عودة بعضهم بالفعل في ديالى وصلاح الدين ، او محاربة الجريمة المنظمة التي تقوم بإعمال الخطف والقتل والترويع بحق المواطنين الآمنين ، او تأييد القرارات التي اتخذتها جامعة الدول العربية في ادانة التوغل التركي في الاراضي العراقية او في تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة وتخفيف الاثار المترتبة على الازمة الاقتصادية والمالية وان كان هذا الامر اكبر بكثير من طاقة اية لجنة ومهما كان حجم الصلاحيات الممنوحة لها ، وليس من حق احد ان يعترض على الاسراع وإكمال الاجراءات التحقيقية فيما يخص المتهمين بالإرهاب والعمل على حسم الملفات العالقة بما يؤمن العدالة للمتهمين.
ومهما يكن من اهمية هذه القرارات وقوة التأييد الشعبي لها فأنها تبقى في التحليل النهائي قرارات مجتزأة ومحدودة من قضايا كبرى تمثل التحديات الخطيرة التي تواجه شعبنا وبلادنا في حاضرها ومستقبلها كان اهمالها طيلة السنوات الماضية السبب الأرأس وراء التداعيات الامنية الخطرة وسيطرة الدواعش على ثلث مساحة العراق وتفاقم ظاهرة الفساد ونهب ثروات البلد جهارا نهارا وتردي الخدمات كلها خلقت الظروف المناسبة للازمة الاقتصادية الراهنة وقبل هذه وتلك المحاصصة الطائفية الاثنية التي مهدت الطريق للفاسدين والتستر عليهم والتسلق الى مراكز القرار والتواطؤ من قبل رموزها على تعطيل القضاء في محاسبة قادة الفساد وفي الوقت ذاته تفاقم الصراع بين امرائها على هذه المراكز ما اسفر عن انهيارات في جدران العملية السياسية . لكل هذه الهزائم والتداعيات ، نهضت الى الوجود الحاجة الى عملية اصلاحات عميقة في جسد الدولة المنخور ، ولكن شعبنا وحركته الجماهيرية الاصلاحية وهما يتطلعان الى اصلاح حقيقي وجداه مغيبا في اجتماع الرؤساء الاربعة من دون اية اشارة او تلميح الى هذه العملية التي هب شعبنا بملايينه منذ اربعة أشهر لترسيخ قواعد هذه الاصلاحات وتطويرها وتخطي مبررات عدم التنسيق التي تعكز عليها معارضو الاصلاح وقيادات الفساد ، مما يعطي الانطباع لدى الاوساط الشعبية بان ثمة تراجعا خطرا عن استكمال مقومات العملية الاصلاحية وتولد حالة من الاحباط لدي ابطالنا في جبهات القتال الذين يحدوهم الامل في العودة الى بيوتهم ويستمتعون بإصلاحات ترتقي بعيشهم وعيش عوائلهم وهو اقل ثمن تقدمه الدولة نظير تضحياتهم ضد الارهاب وعودة المدن المحررة معززة ومهابة.