المنبرالحر

اجراءات الحكومة في مواجهة الازمة الاقتصادية / ابراهيم المشهداني

يزداد القلق الشعبي العام من تداعيات الازمة المالية للعام الجاري وهو قلق مشروع بكل تأكيد عندما يجد الموقف الحكومي بهذه الدرجة من البرود ازاء التصريحات التي يطلقها مسؤولون حكوميون مختصون بالشأن المالي وتتناولها وسائل الاعلام بسوداوية مطبقة ، وربما يكون لها الحق عندما يصرح وزير المالية وهو الأعرف بالوضع المالي للدولة ان هذا الوضع قد يؤدي الى توقف رواتب موظفي الدولة بعد شهر نيسان من هذا العام وقد نفى هذا التصريح لاحقا، ولان الرجل على دراية بالموارد النفطية التي تعتمد عليها ميزانية هذا العام بما يزيد عن 90 في المئة وان مستوى الواردات غير النفطية لا تبعث على التفاؤل حسب التقديرات الرسمية فقد كان تصريحه متشائما .
ان الازمة المالية ومشاعر الناس المحبطة تشير الى اكثر من ذلك فكيف يمكن تفسير تهديد الموظفين المتعاقدين في واسط والنجف، مثلا، بمنحهم الاجازات الاجبارية ومثلهم من المتعاقدين وعمال الاجور اليومية في الكثير من دوائر الدولة ومؤسساتها وهم لم يستلموا رواتبهم للأشهر السابقة اصلا وحين يطالبون بالرواتب المقطوعة طيلة هذه المدة في تظاهراتهم التي كفلها الدستور ، تستخدم حكومة النجف اسلوب القمع !! ثم كيف نفسر تبليغ موظفي شركات التمويل الذاتي في وزارة التجارة ان الرواتب ستدفع حتى شهر اذار القادم، الا يدل كل ذلك على ان اياما عجافا تنتظر مئات الالوف من الموظفين المتعاقدين وعمال الاجور اليومية وليس من المستبعد ان تشمل هذه الاجراءات موظفي شركات وزارة الصناعة الذين عانوا قطع رواتبهم التي دفعت لهم بالتقسيط وكل هؤلاء مسؤولين عن اعالة ملايين الناس فكيف ستتمكن آلاف الاسر تغطية حاجاتها من طعام وشراب وملبس وخدمات وغيرها من الحاجات الانسانية وهل سيتركون لمواجهة قدرهم العاثر على ارصفة الشوارع وساحاتها المملوءة بالسائلات والسائلين اصلا .
بعد حزيران من عام 2014 عندما برزت بوادر تشير بوضوح الى تهاوي اسعار النفط ، طرحت الحكومة اجراءاتها التقشفية فألغت مناصب نواب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ودمجت وزارات ببعضها وقرارات كثيرة بتقليص حمايات المسؤولين وظهر لاحقا ان معظم هذه القرارات لم تجد طريقها إلى التنفيذ ،
وبالرغم من ان الازمة المالية الاقتصادية اصبحت امرا واقعا ومع كل ذلك لا يمكن الاستنتاج ان الحكومة اصبحت عاجزة عن اتخاذ المزيد من الاجراءات لمواجهة هذه الازمة فان امامها فرصا كثيرة يمكن استغلالها لتفادي وصول الازمة الى مستوى قطع العنق ومنها على سبيل المثال وليس الحصر :
• العمل الجاد من اجل تفعيل البرامج الانمائية في مجال القطاعات السلعية ومتابعة تنفيذ المشاريع غير المكتملة وخاصة ان بعضها قد استنفد تخصيصاته المالية كافة ، واستكمال البعض الاخر عن طريق الدفع بالاجل وخاصة المشاريع ذات الاهمية الاقتصادية الملحة .
• استمرار الضغط على الانفاق غير الضروري في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة كافة بإشكال مختلفة ومن بينها الكف عن شراء سيارات الصالون والاقتصار فقط على السيارات الانتاجية وإيقاف الايفادات والاكتفاء بالتدريبات الداخلية باستثناء ما يتعلق بالموظفين المكلفين بفحص الاجهزة والمكائن والاسلحة المتعاقد عليها .
• العمل على تشجيع عمليات الادخار الوطني لتفعيل عمليات الاستثمار في المصارف الاهلية والحكومية بما تصب في عمليات التنمية الاقتصادية حيث ان الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين حسب تقديرات الاقتصاديين، كبيرة يمكن توظيفها لإغراض التنمية الاقتصادية، وهذا الامر يتطلب تبديد المخاوف الناتجة عن التوترات الامنية والسياسية .
• تفعيل القوانين والتشريعات لاستعادة العشرات من مليارات الدولارات من الاموال المنهوبة بمشاريع وهمية وعمليات فساد مسؤولين سابقين وحاليين وتفعيل دور القضاء في حسم ملفات الفساد ومحاسبة المفسدين من دون هوادة وتنفيذ تعهدات رئيس الوزراء باعتبار هذا العام عام القضاء على الفساد عبر خطط وإجراءات واضحة وملموسة .
• تفعيل قوانين التعرفة الكمركية وقوانين تحصيل الالتزامات الضريبية والرسوم وإتباع اشد الاجراءات ضد المتهاونين.