المنبرالحر

ملاحظات على مسودة موضوعات سياسية / فرحان قاسم

1- بذل جهد كبير في اعداد هذه المسودة يستحق التثمين والتقدير.
2- اعتدنا في جميع وثائق المؤتمرات على اهمية تحديد طبيعة المرحلة التي يمر بها بلدنا، ومن هذا التحديد تتم معرفة القوى الاجتماعية والسياسية المحركة لهذه المرحلة وطبيعة التحالفات الناتجة عنها، لكنني لم الحظ اي تحديد دقيق وواضح لطبيعة المرحلة في اللحظة الراهنة في مشاريع الوثائق للمؤتمر العاشر كافة. في المؤتمر الثامن والتاسع ورد توصيف المرحلة بانها مرحلة انتقالية واستثنائية انتقالية في مكان اخر، تختلط فيها المهمات الوطنية بالديمقراطية والداخلية بالخارجية، وبناء على هذا التشخيص تم اختيار الشعار الرئيس لكل مؤتمر وتحديد المهمة الاراس لعمل الحزب وطبيعة التحالفات التي يعقدها الحزب. جلبت انتباهي عبارة في الفقرة 179" اذا كان توصيف البناء السياسي للدولة بالانتقالي موضع جدل، فالطبيعة الانتقالية للنظام الاقتصادي ليست موضع اعتراض ". ان هذا التشخيص يوحي برؤية جديدة في توصيف المرحلة في صفحتها السياسية، وهذا امر يفرضه المنهج الماركسي في المتابعة الدائمة والحثيثة لحركة الواقع، ولكن الوثيقة تركت الباب مفتوحا دون تشخيص بديل، هل الحزب ما زال على رؤيته في تحديد المرحلة وفق ما جاء في المؤتمرين الثامن والتاسع اي مرحلة انتقالية في الجانب السياسي والاقتصادي ام ان هناك توصيفا جديدا في الحقل السياسي. وورد في الفقرة رقم 38 " وقاد احتلال مناطق واسعة في هذه المحافظات الى دخول بلادنا مرحلة جديدة ومختلفة، برزت فيها الى الصدارة مهمة وطنية لا تقبل التأجيل تتمثل في وقف توسع داعش وقهرها " اعتقد ان مفهوم " مرحلة جديدة ومختلفة " غير دقيق من الناحية العلمية في استخدام المفهوم لانه يوحي بان بلدنا دخل في مرحلة تجاوزت تشخيصات الحزب لطبيعة المرحلة التي يمر بها بلدنا بعد 2003، من الافضل استخدام " فترة " او " طور " بدلا من مرحلة. ما اريد قوله باختصار ان مسودة الموضوعات تحتاج الى اضافة فقرة وافية تتناول طبيعة المرحلة الراهنة وقواها المحركة وتناقضها الاساسي والرئيس وتناقضاتها الثانوية و على ضوء ذلك يتم تحديد المهمات والشعار.
3- في المفهوم : وردت مفاهيم متعددة لظاهرة واحدة، من الافضل توحيدها في مفهوم واحد تجنبا للخلط مثل : في الفقرة " 1 " وردت الازمة العامة وفي الفقرة " 3 " وردت الازمة البنيوية. في الفقرة " 1 " وردت ( تجلياتها ) وفي الفقرة " 2 " وردت ( مظاهر ). في الفقرة 219 وردت عبارة اصطفاف اجتماعي – سياسي بدل تحالف اجتماعي كما اعتدنا استخدامه في ادبياتنا. وتتكرر هذه الحالة في اكثر من مكان.
4- ورد في الفقرة " 3 " النص الاتي : (ان الازمة البنيوية التي تطحن بلادنا والمفتوحة على الاحتمالات كافة، ليست معزولة عن طريقة التغيير التي تمت عبر الحرب والاحتلال، او عن تركة النظام المباد الثقيلة، وطبيعة نظام الحكم ومنهجه الذي يعتمد المحاصصة الطائفية – الاثنية في الادارة وفي بناء مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، وتغليب الهويات الفرعية على حساب المواطنة العراقية الجامعة، كذلك ليست معزولة عن تسييس الدين وتوظيفه، وتفاعل العديد من العوامل الداخلية والخارجية، وما تعرض اليه وطننا من عنف وتخريب وموجات ارهابية دامية، وفي ظل تعمق الطابع الريعي للاقتصاد الوطني واعتماد الليبرالية المنفلتة والسوق المفتوحة، وغياب رؤية استراتيجية متكاملة لتحقيق تنمية متوازنة مستدامة، بجانب تفشي الفساد في الدولة والمجتمع، واحتدام معركة شعبنا ضد الارهاب وداعش ). التشخيص السابق لمسببات الازمة واقعي وصحيح وهو تاكيد لما ورد في وثائق المؤتمرين الثامن والتاسع، ولكن اعتقد انه ان الاوان للتمييز بين قضيتين مختلفتين : الاولى طريقة التغيير عبر الحرب والاحتلال وبين مشروع متعدد الابعاد مصمم مسبقا من قبل الاحتلال لابقاء العراق ضعيفا تابعا لا بسبب طريقة التغيير فحسب وانما بسبب المشروع الامريكي تحديدا، لان ما ورد في النص السابق من " طبيعة الحكم والمحاصصة وتسييس الدين وتفاعل عوامل خلرجية وداخلية وفساد مالي وتخريب وموجات ارهابية " انما هي نتائج مباشرة لذلك المشروع. ما اريد قوله هو ان طريقة التغيير عبر الاحتلال لا تؤدي بالضرورة الى نفس النتائج التي حصلت في العراق والامثلة كثيرة في عالمنا المعاصر، ولكن بسبب وضع العراق الخاص كاحد البلدان النفطية المهمة على صعيد الانتاج او الاحتياطي النفطي او الموقع الجيوسياسي، جعل طريقة التغيير عبر الاحتلال مشفوعة بمشروع اتباع واضعاف العراق. وهذا التشخيص لم يرد واضحا في الوثائق وانما تم الاكتفاء بصيغة عمومية " طريقة التغيير " الامر الذي يتطلب عرض الامر بشكل واضح ومفصل في الوثائق، هذا الامر لا ينفي ان الكثير من دراسات الحزب بعد المؤتمرين وقبلهما اكدت على دور المشروع الامريكي في اضعاف العراق عبر المحاصصة والفساد واقتصاد السوق المنفلت، لكني اؤكد على ضرورة ذكر هذا المشروع واثاره المتعددة في وثائق المؤتمر.
5- في الموضوعات السياسية تكرار كثير حول " المحاصصة " والفساد " " والتهميش " الخ من الضروري تجاوزه وتركيزه في فقرة واحدة بعيدا عن تكراره في فقرات متعددة وكثيرة وهذا واضح لاي قارئ للموضوعات، ويبدو ان السبب الرئيس لظهور هذا التكرار هو تعدد الاقلام التي تناولته دون وحدة منهجية. وهذا يجعل من الضروري اعادة صياغة الموضوعات بدون ترقيم الفقرات والاكتفاء بعناوين رئيسة لان الترقيم يشتت ذهن القارئ ويفقد القارئ وحدة الموضوع.
6- ورد في الفقرة 6 " وقد ولدت اوضاع البلد المأزومة سخطا وتذمرا واسعين، وحراكا سلميا يكفله الدستور، ويجسد رفض جماهير وفئات اجتماعية متنوعة لاستمرار مسلسل الازمات وتحمل تبعاته، ويضغط باتجاه تحقيق الاصلاح والتغيير الذي غدا مطلبا جماهيريا ملحا، بعد الفشل المتتالي للسلطات التنفيذية والتشريعية واخفاق منهجها المعتمد ونمط تفكيرها، وغاية ذلك هي اصلاح العملية السياسية وتصحيح مسارها، بما يفضي الى فتح فضاءات جديدة، وتغيير موازين القوى لصالح اصطفاف مدني ديمقراطي واسع، ونشوء كتلة وطنية اصلاحية مؤثرة وفاعلة، تقود البلد الى شاطىء الامان والاستقرار، ونحو اقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية على قاعدة العدالة الاجتماعية، دولة المؤسسات والقانون كاملة السيادة ". الجزء الاول من الفقرة تضمن تحليلا دقيقا لاسباب الحراك واهدافه، ولكني لست متفقا مع الاستنتاج ان الحراك سيفضي الى فتح فضاءات جديدة وتغيير موازين القوى لصالح اصطفاف مدني ديمقراطي واسع ونشوء كتلة اصلاحية مؤثرة وفاعلة الخ ان هذه الامكانية لا تزكيها حركة الواقع الملموس للحراك نفسه، فالصراعات داخل قواه المدنية بينة. اضافة الى ان اشكالية التدني في الوعي مازالت اشكالية كبرى في المجتمع العراقي وارتباط هذا الاشكالية بالشد والتعبئة الطائفية والشوفينية. لذلك اعتقد ان " نشوء كتلة وطنية اصلاحية مؤثرة وفاعلة تقود البلد الى شاطئ الامان " ليس الا استنتاجا رغبويا وفي احسن الاحوال يمكن اعتبار تشكيل هذه الكتلة مهمة مستقبلية مرهونة بعوامل كثيرة على راسها دورنا في الحراك و مستوى ادائه المرتبط بتحول جزئي في وعي الناس. والسؤال الذي يطرح نفسه : اذا كان الحراك لا يؤدي الى كتلة وطنية اصلاحية فلماذا اذن الحراك ؟ اظن ان الحراك قام بعوامل موضوعية وليس نتيجة رغبة وامكانية استمراره قائمة لنفس العوامل اما قضية انه سيقود الى شاطئ الامان فهذا تعبير عن رغبة وليس بناء على تحليل ملموس، لان المعركة التي يخوضها الحراك شائكة والقوى المعادية له داخلية وخارجية تمتلك ترسانة من الاسلحة المتنوعة ويلعب العامل الامريكي والايراني ادوارا محركة بينما يعاني الحراك من مجموعة اشكاليات معروفة. ومع هذا فان مهمة الحراك الاساسية في اللحظة الراهنة هي الضغط على تلك القوى وعدم منحهم قدرة استعادة انفاسهم وتكريس اساليبهم التي تسببت بكارثة كبرى للبلد. لانني متاكد ان الكتل المهيمنة وداعميها الاقليميين والدوليين لن يتخلوا عن مواقعهم ولا عن اهدافهم بسهولة. ان تشكيل كتلة تاريخية تتطلب حراكا يمتلك ستراتيجية واضحة وتكتيكات مرنة توجهها قيادة للحراك منسجمة واضحة الاهداف بعيدة عن الولاءات الضيقة. وهذا لا يتوفر حاليا للحراك.
7- في الفقرة 35 ورد ما ياتي : " وفي هذا السياق يمكن تشكيل احزاب وكتل سياسية وبرلمانية عابرة للطوائف والعناوين الفرعية، تأخذ بالمواطنة وتتحرك وفقا لبرامج سياسية تغطي مساحة الوطن، ولا تكون محض عناوين طائفية ومذهبية وقومية ودينية، وان النجاح في هذا وتكريسه سيكون عاملا مهما في التخلي عن المحاصصة المطبقة حاليا، ويفتح الطريق الى تشكيل ائتلافات سياسية حاكمة على وفق برامج تسهل متابعة تنفيذها، مقارنة بحكومات تقام على "توافقات" "وترضيات" واعتبارات اخرى، فضلا عن تدخلات خارجية فاقمت المشهد السياسي وعمقت ازمته ". هل هذه الفقرة تعني ان الحزب يدعو الى تشكيل احزاب عابرة للطائفية، وهل يعتبرها احدى مهماته في المرحلة القادمة، على اعتبارها " عاملا مهما في التخلي عن المحاصصة "، وهل هذا يشير الى ان حزبنا الشيوعي غادر امكانية الاحزاب المهيمنة على بناء عراق ديمقراطي كما كان يامل قبل وبعد 2003. تحتاج الفقرة 35 الى اعادة صياغة لتكون واضحة مثل " يدعم حزبنا تشكيل احزاب وكتل عابرة للطوائف ".
8- ورد في الفقرة رقم 219 ما ياتي " لذلك باتت ترتسم اليوم بوضوح اكبر من اي وقت مضى منذ التغيير، معالم اصطفاف اجتماعي - سياسي يقوم على وحدة المصالح، يجمع بين الشرائح العليا المتنفذة في الدولة بمختلف سلطاتها، واصحاب المال وكبار التجار الذين يتمتعون بموقع احتكاري في السوق ومالكي المؤسسات والشركات المتحكمين بالمصارف وشبكات الصيرفة التي تستحوذ على الجزء الأكبر من مزاد الدولار وتدير عملية اخراج الأموال وتهريبها. كما يشمل هذا الاصطفاف والتحالف الموضوعي العابر للطوائف، القابضين على سلطة الاعلام من مالكي القنوات الفضائية، ويقود هذا التحالف النظام الاقتصادي ذا السمات الريعية المفرطة، والذي لا يزال قيد التشكل في اطار نهج ليبرالي غير منضبط، وفي ظل دولة المكونات التحاصصية. واصبح التعارض في المصالح والتوجهات يزداد وضوحا بين هذه الشريحة الضيقة المسيطرة على مفاتيح السلطة والمال والاعلام، وبين عامة الشعب، وهو ما انعكس في استمرار الاحتجاجات الشعبية الواسعة على امتداد سنة تقريبا دون انقطاع، ومطالبتها بالاصلاح والتغيير ومكافحة الفساد وضرب رؤوسه ". الفقرة السابقة المهمة في تحليل اللوحة الاجتماعية استخدمت مفهوم اصطفاف اجتماعي – سياسي بين الشرائح العليا الخ من العبارة ولا ادري لماذا تجاوزت المفاهيم السابقة التي استخدمت في المؤتمرين الثامن والتاسع وبقية وثائق الحزب ولجات الى مفاهيم عامة غير محددة : مثل الشرائح العليا المتنفذة في الدولة بدل البرجوازية البيروقراطية، واصحاب المال وكبار التجار بدل البرجوازية الكومبرادورية، ولم يرد اي ذكر للبرجوازية الطفيلية ذات الاثر البين في اللوحة الاقتصادية الراهنة. كما وردت عبارة " يقود هذا التحالف النظام الاقتصادي ذا السمات الريعية المفرطة ". كما وردت عبارة " اصبح التعارض في المصالح والتوجهات " ، بدل عبارة التناقض الرئيس التي اعتاد الادب الماركسي استخدامها في تحليل المشهد الاجتماعي. وللاسف لم تتم الاشارة الى العلاقة الوطيدة بين هذا الاصفاف او التحالف وبين المنظمات الاقتصادية الدولية والشركات المتعدية الجنسية والدور الامريكي في تعزيز هذا التحالف. اظن ان هذه الفقرة تحتاج الى اعادة صياغة بحيث تكون منطلقا لتحديد طبيعة المرحلة وقواها المحركة والتناقض الاساسي و التناقص الرئيس فيها اضافة الى التناقضات الثانوية وعلى ضوء ذلك تتوضح المهمات الرئيسة والشعار الرئيس للمؤتمر.
9- الموضوعات لم تشر الى دور المؤسسات الدينية الاقتصادي والسياسي في تشكيل المشهد الاجتماعي، اذ اصبح معروفا الطرائق التي استخدمتها هذه المؤسسات في الفرز الاجتماعي وكسب المؤيدين والانصار، مستفيدة من تجرة الاخوان المسلمين في مصر وغزة وتركيا، وتجربة الحوزة الدينية في ايران.
10- الفقرة 227 اكدت " وفي ضوء التجارب الاقتصادية والتنموية الناجحة في العديد من البلدان، يصح القول أن الاقتصاد العراقي الريعي هو احوج ما يكون الىى دور اقتصادي فاعل للدولة، ليس على المستوى التنظيمي والتحفيزي وحسب، وانما على الصعيد الانتاجي ايضا. ومن الصيغ القابلة للتحقيق في ظروف العراق، تأهيل الشركات المملوكة للدولة والتي تضم 600 الف عامل ومنتسب، وايجاد شراكات ناضجة وفاعلة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وفق اسس سليمة واطر قانونية مناسبة ". اظن انه كان من الافضل تناول دور القطاع الخاص في هذه الفقرة كاحد المخارج من الاقتصاد الريعي.
11- الفقرة 354 ليست في مكانها ويبدو انها وردت هنا سهوا لانها ترتبط بالمهمات التي تواجه حزبنا ووردت ضمن وضع حركات اليسار. كما انها جاءت بعد الفقرة 355، وهناك فقرة اخرى برقم 354 جاءت في مكانها الصحيح. وهناك فقرة 355 مكررة. هناك حاجة لاعادة ترتيب الفقرات في هذا المكان من الموضوعات.