المنبرالحر

قوانين أجهضتها اﻷعراف اﻹجتماعية يراد إحياءها / د. علي الخالدي

يبدو أن برلمانينا على عجل من أمرهم في المصادقة على قوانين ﻻ تحاكي مطامح شعبنا . تجاوبا مع رغبة رؤوساء كتلهم ومحسوبيهم ، ما دفعهم في الزمن الضائع من عضوية حياتهم البرلمانية ، إقرار ما لم تصب في مصلحة الشعب والوطن ﻻ سياسيا وﻻ حتى إجتماعيا لتنافيها وروح العصر والحداثة ، كقانون إنتخاب مجالس المحافظات الذي صُعد فيه القاسم المسترك لتوزيع المقاعد الى 1.9 بغية أعاقة وصول اﻷحزاب الصغيرة الى المجلس ليبقى محتكرا من نفس الكتل واﻷحزاب المتحاصصة طائفيا وإثنيا ، ضمانا لمصالحهم الحزبية والذاتية ، ومطمئنين على حمايتها تواصلا مع تماديهم في عدم اﻹفصاح عن ما ملكوه خلال حياتهم البرلمانية من ثروات ثابته ومنقولة ، من الرشى والسحت الحرام ، ( أفصح 25 نائبا فقط من أصل أكثر من 300 نائب ) ومع هذا تعمل اﻷغلبية الساحقة منهم ، وبدون وجل على إحياء الحياة لقوانين لم يجر التوافق عليها في أيام أعراس اﻹتفاقات وتقاسم السلطة طائفيا ، كقانون اﻷحوال الشخصية الجعفري ، الذي يعني إلغاء قانون رقم 188 لسنة 1959 ، الذي سنته ثورة تموز المجيدة ، وأنصفت به لحد ما المرأة العراقية ،ويريدون حاليا إلغائه وتكبيل المرأة ببنوده المهينة الحاجبة لحريتها، بطريقة ملتوية قامت على تغيير عنوانه السابق الى قانون تعديل الأحوال الشخصية ، لكي ينطلي على البعض . ومع هذا القانون يجري مناقشة إصدار قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي ، وكلاهما من أسوأ القوانين ، مما أثار حفيظة رابطة المرأة العراقية والجمعيات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالحريات وحقوق اﻹنسان ، وبجهود مضية متواصلة في الداخل والخارج ، أثمرت عن تأجيل التصويت عليهما لوقت آخر، فلربما التغيرات واﻹصطفافات الجديدة تنتج نهج محاصصة بثوب جديد فقد بلى جلباب المحاصصة القديم ، ليبقى النهج محققا لهم أغلبية تمرر قوانين تحاكي أجندات رؤساء كتلهم ، سيما أنهم يراهنون على العودة لمواقع القرار بصيغة اﻷغلبية أو التوافقات السياسية ، معتمدين على ما فصل على مقاسهم من قانون إنتخابات مجحف وجائر، ومصرين على ابقاء مفوضية اﻹنتخابات، تتماشى مع أهواء متبني نهجها المحاصصاتي ، الذي مارسته طيلة 14 عاما من حكمها. فإذا كانوا صادقين بما يدلون به من تصريحات مخدرة للناس ، فاليقوموا بتغيير لجنة اﻹنتخابات وإصدار قانون إنتخابات يتماهى ويتوافق مع مصالح الجماهير وقواها الوطنية.
إنهم ﻻ زالوا يطمحون، رغم تغيب الكثيرين منهم عن حضور جلسات البرلمان في دورته اﻷخيرة ، من إمرار القوانين الجائرة بحق الناس ، لكن بسبب التقاطعات بينهم ، واﻹنشقاقات في أحزابهم وكتلهم التي وقف خلفها فشلهم في إدارة الدولة ، ناهيك عن عدم إتمام النصاب القانوني للجلسات ، بسبب التمارض واﻹصطياف مع عوائلهم هربا من حرارة آب اللهاب ، حال دون ذلك ، ومع ذلك فإنهم يستعجلون مواقفهم قبل أن تفعل اﻹنشقاقات فعلها في كتلهم ، وتُحدد الوجهة التي سيتوجه اليها نوابهم ، وتتشظى أحزابهم . معتمدين على وجوه مخضرمة في البرلمان ، ممن يعتمد نفس الدوافع واﻷجندات التي لملمتهم تحت قبة البرلمان ، وبصورة خاصة أجندات نهج المحاصصة المقيت ، تلك اﻷجندات التي إعتنقت سياسات كارثية بعيدة عن العقل الفكري والعلمي في أدارة شؤون البلاد ، قامت على الشراكة والتوافقات . يتوهمون بقدرتهم على مواصلة فن المناورة والتلاعب بمصطلحات لحماية نهجهم الهجيني الخاضع لتوجهات ﻻ تصدر من العقل والضمير، وإنتاج سلطة قائمة على المذهب والطائفية ، شبيه بالسياسة التي أستخدمت إستخداما سوقيا فقادت الى طغيان العام على الخاص ، ودمرت الروابط الوطنية وقيمها ومبادئها الروحية ، ، وهذا ما يبغون السير عليه حتى بعد إﻹنتخابات القادمة ، لذا بدأوا بتحويل سلطتهم لمنابر معادية للوحدة الوطنية وحرية الفكر.
فاﻷغلبية العظمى من النواب ومن محتلي مواقع القرار أكتسبوا مناعة ، وقفت وراءها البلادة الذهنية وفقدان الضمير وعدم اﻹيمان بضرورة تحقيق مصالح الشعب ، ورفض كل تطور للتنمية اﻹقتصادية واﻹجتماعية، فبقوا مصرين على معايير اﻹزدواجية في الممارسة العملية ، وتعلم لبس اﻷقنعة ، مع إستعمال الكلمات الحلوة عن الشفافية والنزاهة وبناء المجتمع المدني ، والتي كانت غائبة طيلة 14 عاما من قواميسهم ، فذبلت أوراقهم واصفرت ، وبدأت بالتساقط ، فبانت عوراتهم ،. ومهما حاولوا تجميلها ، لن يفلحوا ، فقد كشفت الجماهير زيف الكثير منهم ، وخاصة من لم يصله الشلع وﻻ القلع ، بينما بقيت لعنة من بكى في سبايكر، وما حصدوه من تخاذلهم في التصدي لداعش ، تلاحقهم في الدنيا واﻵخرة ، لكونهم لم يتركوا لشعبنا سوى اﻷحزان واﻵﻵم ، ومع هذا فشعبنا يواصل فرحه بتحرير اﻷرض وكنس داعش منها على أيدي جيشنا الباسل ، لكون دماء شهداءه ، قد عبدت طريق التحرير أمامه . أما من تخاذل أمام الدواعش فمقامه معروف تماما.