فضاءات

في ذكرى رحيل سعود الناصري

حميد الدجيلي

سعود الناصري, ويا للذكرى الاليمة فقد ترك رحيله غصة أليمة وأثراً عميقاً في قلوبنا. ففي الخامس والعشرين من حزيران من عام 2007 غيًب الموت رفيقاً عزيزاً وصديقاً صدوقاً وزميلاً يحمل روحاً متفائلة وبسمة لا تذوي رغم كل الصعاب وأملاً لا يخبو.
عرفته رجلاً رصيناً كبير القلب ، دؤوباً ، يحب العمل الى حد التفاني, جدياً يكرس جل وقته لعمله، إلا أن روح المرح لم تكن لتفارقه لحظة. كان صريحاً كل الصراحة في ما يقول ويكتب.. كانت الابتسامة لا تفارق وجهه المشرق في اي وقت، حتى تكاد تكون طابعه الخاص الذي يختص به ويعرفه.
آمن بأن الحق في شرف الكلمة, وفي تاريخنا كما يقول حنا مينا وفي تاريخ الامم عشرات من الذين قالوا كلمتهم ثم عانقوا الالم والموت على شرف ما قالوا وما فعلوا. وقد سجل اروع آيات الشجاعة في كل ما قال وما كتب.. فنحن اذن ازاء رجل مقدام وقف بكل جرأة وحماس الى جانب قوى الحياة بكل ابعادها وكان الاروع.
واليوم وهو بعيد عن مسرح الحياة تتراءى امام ناظري صور وذكريات عن كثير من الاحبة الذين غادروا وهم يحلمون مثل ابي عمار بعراق خال من العسف والاضطهاد، يرفل أبناؤه بالبهجة والحبور والأمن والأمان.
لقد فجع الوسط الثقافي برحيل الانسان والفنان والصحفي والموسيقي والسياسي سعود الناصري، فهو غني بأمثلة الأبداع في ميدان النضال الوطني، حيث انتظم في صفوف الحزب الشيوعي عام 1957 وكان من الناشطين في الحركة الطلابية بعد ثورة 14 تموز 1958.
التحق بعد انهاء دراسته في معهد الفنون الجميلة ببغداد, بالبعثة الدراسية الى الاتحاد السوفيتي حيث تم قبوله في كلية الاعلام / جامعة موسكو, وكان خلال فترة الدراسة من الناشطين في منظمة الحزب في موسكو وكذلك في الحركة الطلابية. بعد انهاء دراسته عاد الى العراق غداة 17 تموز 1968 وتم تعيينه في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون.. وهناك كانت المفاجاة بانتظاره حيث ابلغه رئيس المؤسسة في أحد الايام بأن هناك اعترافات ومعلومات حوله تشير الى أنتمائه للحزب الشيوعي.
ذات يوم زارني في بيتي وابلغني بالحديث الذي دار مع رئيس المؤسسة وطلب مني التأكد مما اذا كانت المعلومات صحيحة .قمت بالمهمة وسألت رئيس المؤسسة عن صحة تلكم المعلومات فأجابني هازئاً: ماذا كان ينتظر صديقك؟. هل ينتظر مني أيصاله الى خارج الحدود؟ وعلى أثر ذلك وفي نفس اليوم غادر العزيز سعود الى أحدى الدول المجاورة. ورغم كل الجراحات التي حملها معه ظل صابراً وثابتاً يحمل بين جوانحه وطنه الذي غادره مرغماً. ما الذي نستطيع أن نفعله لمن يصول بلا كف ويمشي بلا رجل .
نتذكرك صديق العمر.. نتذكرك رفيق الدرب.. أبا عمار...